د. محمد على عبدالعزيز
كلمة رئيس القسم
الإنسان بناء الله ، لذا يشكل الإسهام في تنميته وتطويره طاعة لله ، ولطالما أظهرت شريعة الإسلام مناهج عديدة حثت على تطوير وتحسين الحياة بشكلٍ عام وهو ما يعرف بمفهوم عملية التنمية في ذاتها الذي يهدف إلى بلوغ الكفاية والكفاءة في المجتمع الإسلامي، كما حثت الشريعة على تنمية الفرد على الصعيد القيمي والعلمي من خلال الغرس الصحيح وتنشئته على مبادئ العدالة والنزاهة والخلق القويم ليصبح له دوره الفعال في المجتمع ، ولقد ركز الإسلام على الإنسان كمحور للعملية التنموية محاربًا المفاهيم السلبية كافة التي تحول من دون تحقق التنمية في المجتمع .
وترتكز التنمية في الإسلام على عدد من المحددات مثل الاستخدام الأمثل للموارد البشرية، ومنها العناية بالعقول والحرص على استثمارها على نحو يعضد التنمية ووسائلها ويقوي محدداتها وبذلك يُعبد الطريق لتلك العقول لتحقيق التنمية في مختلف مجالات الحياة فيعود ذلك بالنفع على الفرد والمجتمع وعلى الأمة الإسلامية جمعاء ، كما يعزز الحفاظ على التنمية صون الضرورات الخمس التي حثت الشريعة الغراء عليها التي تشمل النفس، والمال، والدين، والعقل، والعرض .
وتعد التنمية أحد فروع العلوم الاجتماعية الذي يدرس المجتمع وعلاقة الفرد به وبعلوم متباينة أخرى مثل علم النفس والاجتماع والفلسفة والاقتصاد والجغرافيا الاجتماعية من الناحية التي تتعلَّق بالإنسان .
وقد ظهرت دراسات تخصص التنمية كفرع أكاديمي في بدايات القرن التاسع عشر بسبب تنامي ألوان الاضطراب والقلق حول العالم وتفاقم الظروف الاقتصادية والتناحر السياسي في العديد من المناطق حول العالم ، تزايد القلق حول التوقعات الاقتصادية للعالم الثالث بعد الحرب العالمية ، فظهرت دراسات التنمية لمعالجة مثالب القلق والاضطرابات وضرورة دمج الأفكار في السياسة والاقتصاد ، فلا يُمكن الاعتماد على تخصص وحيد لبلوغ تلك المعالجات فكان لا بد من الاستعانة بدراسات التنمية التي ترتبط بالعوامل الاجتماعية المحيطة بالفرد وتدرس قضايا الدول النامية، مثل التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وفي خضم سعي الجامعة الإسلامية بولاية منيسوتا لتحقيق أهدافها في نشر العلم الذي ينفع الفرد المسلم في كل أصقاع العالم ويسهم معه في بلوغ أحد أهداف الحياة ومتطلباتها للفرد المسلم وهو طلب العلم والتزود بالمعارف ، ولدت فكرة إنشاء كلية الدراسات التنموية وإدارة الأزمات ، كذلك جاءت استجابة لاحتياجات سوق العمل في العالم الإسلامي ، بعد أن أظهرت دراسات عديدة حول الأنشطة والمنظمات المرتبطة بالتنمية شحّ الموارد البشرية المتخصصة بالتنمية وحاجة هذه المنظمات والمؤسسات إلى العمل على تأهيل موظفيها لتغطية الاحتياجات الحقيقية لها من متخصصين وباحثين مقتدرين يعملون في هذه المؤسسات والمنظمات التنموية .
وسنكون معكم في قسم دراسات التنمية لتحقيق تلك الأهداف إن شاء الله تعالى، ونعدكم ببذل الوان الجهد كافة للنجاح في اكساب المنتسبين لهذه الكلية الفتية بالعلوم الحديثة في تخصصاتها المختلفة وفي مقدمتها دراسات التنمية ، وفقنا الله لتحقيق الغاية من الحياة المتمثلة في الآية الكريمة "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"