مدخل المؤتمر
الحقيقة العلمية لا زالت تؤكد أن الكون الذي خلقه الله مرهون بالسير على خطى قواعد أساسية محكمة، جعلها البارئ نسقًا متزنًا لا يقبل الخلل أو الاضطراب. هذا ما يقر به العلماء من غير المسلمين.
يعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم التطورات التقنية في العصر الحديث، وقد ثارت حوله العديد من الأسئلة والتساؤلات، ويمكن تعريفه على أنه مجموعة من التقنيات والأدوات التي تستخدم الحوسبة والبرمجة لتمثيل الذكاء البشري ومحاكاته، وتشمل هذه التقنيات والأدوات العديد من الأساليب والتقنيات المتنوعة مثل التعلم العميق والشبكات العصبونية وغيرها.
ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل بعض المشاكل التي كانت تعتبر غير قابلة للحل بالطرق التقليدية، مما يمثل فرصة جديدة لتحسين الحياة البشرية من حيث عناء الإجهاد الحسابي. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين أنظمة الأمن والسلامة، مثل تتبع المركبات المسروقة أو الكشف عن الأمور غير المرغوب بها في المطارات ... مثلًا.
كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على توسيع وتسريع نطاق الاكتشاف العلمي والتكنولوجي، مما يفتح المجال لتحقيق تقدم جديد في العديد من المجالات.
ومع ذلك، يجب على المشاركين في الملتقى أن يناقشوا بشكل واعٍ وجيد كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وديني وأخلاقي، وما دوره في الاجتهاد الفقهي ودوره وحدوده في رقمنة المصحف الكريم والحديث الشريف وما هو من منظور مقاصد الشريعة الإسلامية والقواعد الفقهية، وتحديات تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات المرتبطة باستخدامه ودور التعليم والتدريب في تمكين الأفراد والمجتمعات في الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي إضافة إلى أنه؛ كيف يمكن حماية البيانات الشخصية والحفاظ على الخصوصية.
نتطلع إلى حضور ومشاركة فعالة من جميع الباحثين في الميدان ونأمل أن يكون هذا الملتقى فرصة لتبادل الأفكار والخبرات والتعلم المتبادل حول هذا الموضوع المهم. نأمل أن يسهم هذا الملتقى في تعزيز الفهم والوعي بأهمية الذكاء الاصطناعي وتأثيراته الإيجابية والسلبية، وفي تعزيز التعاون الدولي لتطوير واستخدام هذه التقنية بطريقة مسؤولة وأخلاقية.
إن تطور الذكاء الاصطناعي يحمل الكثير من المزايا والفوائد في العديد من المجالات، ولكن هناك بعض الحدود التي يجب أن نشير إليها، وهي:
1. قدرة الذكاء الاصطناعي على الاستنتاج والتحليل والتنبؤ قد تؤدي إلى خطأ الاستنتاج والتحليل في بعض الحالات، دون أن ننسى خطر ذلك على افتعال مسبق لقرارات ذات الصلة بالحياة العامة للبشر.
2. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى البطالة وتقليل أو حتى اختفاء عدد من الوظائف في بعض القطاعات الاقتصادية بسبب عدم تحقيق التوازن في شرط التنافسية، وبالتالي قد يسبب ضغوط اجتماعية واقتصادية.
3. الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى كمية كبيرة من البيانات لتدريبه وتحسين أدائه، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تجميع الكثير من المعلومات الشخصية وتخزينها بشكل غير آمن.
4. يمكن أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الأساليب الاحتيالية والتلاعب والاختراق الإلكتروني وغيرها من الأنشطة غير القانونية والتلاعبات الموازية.
5. قد تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الهيمنة على السوق لدى بعض الشركات الكبرى، وبالتالي قد تؤدي إلى انعدام التنافسية والتركيز الحصري على تقنيات معينة.
6. يجب أن ننتبه إلى الآثار الدينية والاجتماعية والثقافية للاعتماد الزائد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وضرورة التأكد من أن الأشخاص يتمتعون بحقوقهم وحرياتهم الأساسية وأن تكون هذه التقنية تعمل لصالح الإنسانية.
تقنيات الذكاء الاصطناعي لا تتعدى أن تكون مجرد وسيلة ولن تكون هي الغاية.
ومن هذا الباب، كان لزامًا على النخبة، التفكير للمساهمة في تصويب المسار فيما يخص تعاملات الشعوب الإسلامية مع ما يسمى بالذكاء الاصطناعي و مخرجاته من أوجه النظر المختلفة و خصوصًا فيما يخص الشريعة الاسلامية.
يجب أن نؤكد على الجانب الاصطلاحي أولاً ثم على ضبط الأداء بما يتناسب مع تعليمات الشريعة الإسلامية السمحاء.
علماء الكون كلهم متفقون في هذه النظرة دون استثناء، التقنيات والتكنولوجيات المقترحة والتي يتم تركيبها على أساس الذكاء الاصطناعي، لا يتعدى كونه وسيلة من الوسائل العلمية التي يجب أن تخضع كمثيلاتها الى كل الشروط الأخلاقية والقانونية المعروفة لدى البشر حسب موروثهم الديني، الثقافي أو الاجتماعي مع عدم تغليب الأسبقيات الاقتصادية والغالبية المالية للدول التي تمتلك هذه الوسيلة على حساب الدول التي تعاني من مشاكل اجتماعية وأساسية مثل الغذاء أو الفقر.
سيناقش الخبراء هذه الأفكار كلها على أساس الموضوعية العلمية السليمة دون تحيز أو إقصاء و سوف تنبثق توصيات تاريخية مهمة كمساهمة علمية، جامعية ومتزنة يتقدم بها المؤتمر للمجتمع الإسلامي والعالمي.