كلية الإعلام أقامت ورشة التخطيط الإعلامي جسر للنجاح

كلية الإعلام أقامت ورشة  التخطيط الإعلامي جسر للنجاح

أكد مدير عام مركز لندن للبحوث عضو هيئة التدريس في كلية الإعلام بالجامعة الإسلامية بمينيسوتا الأمريكية د. محمد عبد العزيز أن الفشل في التخطيط يشكل تخطيطاً  للفشل مشيراً إلى أن عدة عوامل مشتركة تقف خلف ريادة شركات وول مارت بإيراداتها التي وصلت 611 مليار دولار العام الأخير ويعمل بها 2.2 مليون موظف في 26 دولة وشركات أمازون وأرامكو وأبل وجوجل و رويال شل  ومجموعة فلوكسفاغن العالمية التي تأتي في الترتيب التالي لوول مارت في الإيرادات المليارية ، تقف خلف نجاحاتها عدة عوامل مشتركة في القلب منها مشروع التخطيط الإعلامي الحديث الذي يستند إلى النظريات الإعلامية التي تستشرف المستقبل ، مؤكداً أن العالم الآن يبلغ التقدم عبر نجاحه في أمرين، اقتصاد المعرفة والجودة الشاملة  وهما يرتبطان بالنجاعة في الملف الإعلامي  الذي يقيم دولاً ويهدم آخرى في العقود الأخيرة  ولم يعد ترفاً بل أحد ضروريات الحياة فهو مبني على التواصل ولا يحيا الإنسان من دون تواصل وكلما كان التواصل ناجحاً كلما بلغ الإنسان أهدافه تباعاً، لذلك فالتخطيط الإعلامي بات ضرورياً لحياة الفرد والمجتمع بكامل مؤسساته العامة والخاصة. 

جاء هذا في مستهل المحاضرة العلمية التي ألقاها  في الورشة العلمية التي  نظمتها كلية الإعلام بالجامعة مساء 20 مايو على منصة زووم الافتراضية بقاعة المؤتمرات الكبرى وحضرها 203 من الأكاديميين واختصاصي الإعلام وطلاب الجامعات من 18 دولة أوروبية وافريقية واسيوية تقدمهم عميد كلية الاعلام أ.د عبد الكريم الوزان وعدد من عمداء كليات الاعلام من غير دولة وكبار الإعلاميين  الذين حرصوا على الحضور .

 

مفاهيم التخطيط 

رحب عبد العزيز في مستهل الورشة العلمية التي ارتكزت على محورين فقط الأول دستور نظرية التخطيط الإعلامي الحديث والثاني تطبيقات عملية عالمية ، رحب  بالحضور ثم حرر المعنى اللغوي لكلمة خطة مدللاً على أنها بكسر الخاء وليس بضمها كما هو شائع  على وجه الخطأ ، فكل ما  وضع معالم فهو خطة بالكسر  وكل ما عدا ذلك يكون بالضم . ثم عرف التخطيط بشكل عام على أنه جسر للنجاح  وهو أسلوب علمي  ومنهج للتفكير العقلاني يمارسه الجميع بكامل المستويات  يتعلق برؤية للمستقبل  في غيابه تعم الفوضى والعشوائية  وردات الفعل الارتجالية  وكما عرفه العالم كونتر  هو تقرير مسبق لما يجب عمله  وكيف يتم  ومتى ومن القائم به ؟  شاملاً جوانب ثلاثة رئيسة هي على الترتيب : (  تحديد أهداف المؤسسة – تحديد الإمكانات المتاحة  - تحديد أساليب بلوغ الأهداف ) والتخطيط يطبق منذ بداية البشرية  لأنه نشاط عقلي يتم من خلاله صناعة المستقبل فلا حياة من دون تخطيط للمستقبل الذي يخشاه الانسان فيلجأ له للحيطة والحذر ، وبعد اكتشاف نظريات علم الإدارة تبين أن التخطيط الابن الأكبر والأهم لعلم الإدارة التي لا غنى عنها لمن أراد العيش فالتخطيط عبارة عن عيش متوقع بينما الحياة واقع معاش . وعزى عبد العزيز التخطيط إلى كتاب الله الخاتم فاستشهد ببعض الآيات الدالة على التخطيط مثل " وابتغ فيما اتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا " – يأيها الذين آمنوا اتقوا الله  ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله " – " يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول ياليتني قدمت لحياتي " – والآية 45 من سورة الأنفال  أيضاً تعكس أحد تجليات التخطيط  لافتاً إلى أن هذه الآيات  تظهر تجليات الله سبحانه وتعالى  ليعلمنا أهمية التخطيط  ، فضلاً عن الآية 43 من سورة يوسف " أحسن القصص" وما تتضمنه من أسس التخطيط الاقتصادي بكافة مراحله . والتخطيط كما ذكر العالم جون مدلتون  يعبر عن قضية شرطية متصلة تتمثل في  ( إذا – فإن ) إذا  ( اتخذت تدابير معينة ) فإن ( نتائج مرغوبة معينة ستحدث ) وغيابه يعني فقد مال وضياع جهود  ، لافتاً إلى أن المخططين الناجحين  يسعون إلى تنظيم الموارد التي تتألف من ثلاث مسارات البشرية والمالية واللوجستية . مع ضرورة توافر التخصص والأمانة في القائم بعملية التخطيط " إن خير من استأجرت القوي الأمين  " ، موضحاً أن التخطيط للفرد والمجتمع قائم على ثلاث أسئلة وجودية " رحم الله من عرف من أين وإلى أين  وفي أين ؟ ) .

 

تخطيط النبي

وعرف التخطيط الإعلامي على أنه توظيف الإمكانات البشرية والمادية المتاح والمحتمل إتاحتها  خلال سنوات الخطة لتحقيق أهداف معينة في إطار سياسة إعلامية مع الاستخدام الأمثل لهذه الإمكانات . ويختلف تطبيق التخطيط الإعلامي من مجتمع لآخر طبقاً للاستراتيجية العام بالمجتمع والتركيبة الديموغرافية ،  ولقد مارس النبي الخاتم محمد - صلى الله عليه وسلم –التخطيط الإعلامي في حياته وكان أحد أسرار بلوغه أهدافه في 23 عاماً عاشها بعد بعثته وهناك صور ومشاهد عديدة تدلل على ذلك وعلى كونه شخصية إعلامية فريدة في التاريخ الإنساني  حيث جمع بين الفصاحة والبلاغة وحلو المنطق وحسن الإقناع ، وأرسى النبي سياسة اتصالية إعلامية محكمة برعاية من الله – تعالى -  الذي زوده بأكبر قوة إعلامية لإقامة الحجة والبرهان وهي القرآن الكريم . فقد تمكن - من نشر الدعوة في شبه الجزيرة بأكملها في ٢٣ سنة . فهو العبقري الذي يُعد أول إعلامي في الإسلام وأول من نفذ خطة استراتيجية اعلامية وضعها الله – تعالى -  . ففضلًا عن القوى الروحية التي اختصه الله بها نهجَ في تبليغ دعوته منهجاً إعلامياً خاصًا أذهل علماء الاتصال استند على مبدأ مخاطبة العقل بالكلمة الطيبة والدعوة بالحسنى والحكمة والموضوعية والاتزان واستشراف المستقبل ، فمع نزول الوحي  كان العنصر الأول  في العملية الاتصالية للنبي ثم بدأت مرحلة التخطيط لتحقيق  هدف المهمة الإعلامية المقدسة وهي  الإقناع لبلوغ  تغيير حياة الناس بإخراجهم من الظلمات إلى النور من الخضوع لحاكمية بعض الى الخضوع لله ، لقد ارتكزت دعوة النبي  على تخطيط سليم في كل مراحلها لذا كتب لها النجاح  سواء في المرحلة السرية او الجهرية بمكة او المراحل المختلفة في المدينة حتى فتح مكة  ووفاته صلى الله عليه وسلم . ومن أهم مظاهر الخطة الإعلامية للنبي :- دراسة البيئة – اتباع أصول التحدث – البدء بالأهم فالمهم – القوة الإقناعية – الإيمان والصبر – القدوة الحسنة – الطريقة التشويقية -  الترغيب والترهيب .


 

دستور التخطيط

وقال عبد العزيز :  إن دستور التخطيط الإعلامي يتمثل في تسعة مفاصل رئيسة لا غنى عنها هي على الترتيب ( جمع المعلومات – تحليل الموقف – تحديد الأهداف – دراسة المشروع – دراسة الجمهور – اختيار الوسائل – جدول زمني – تحديد الميزانية – المتابعة والتقييم )  ولكي تصاغ الخطة الإعلامية لأية مؤسسة لابد من الأخذ بهذه النظرية الإعلامية الحديثة واعتبار التسعة مفاصل ثوب يرتديه المشروع  فيشكل له جسر للنجاح .

وعرج عبد العزيز على تطبيقات عملية عالمية للتخطيط الإعلامي وكيف نجحت المؤسسات العالمية والشركات الكبرى في العبور الى المنطق الربحية الخيالية باتباع المنهج العلمي في التخطيط الإعلامي السديد وتطبيق الدستور الحديث  . ثم ثمن الحضور الكثيف الذي يعد  الأكبر في الورش العلمية منذ إنشاء الجامعة  وشكر قيادات الجامعة بروف وليد المنيسي ود عمر المقرمي وعميد كلية الإعلام بروف عبد الكريم الوزان والوكيل د عبد السلام الواحاتي و مديرة الكلية د بديعة علي ود ميسر مدير إدارة  المنصات  بالجامعة ومديرة الورشة الزميلة أ. هنادي السعيد   .

سجلت الورشة حضوراً تراوح طوال أكثر من ساعتين بين 170 – 203 من الأكاديميين وطلاب العلم واختصاصي الإعلام من الدول الآتية ( أمريكا – كندا – المانيا – فرنسا – الكويت – العراق – مصر – السعودية – فلسطين – الأردن – موريتانيا – السنغال – السودان – سورية – لبنان – الامارات – الجزائر – ليبيا – تونس – المغرب