مدرب الإعلاميين الدولي أحمد طقش يحاضر حول نظرية (الإعلامي الأبيض)
أقام مركز التدريب والتطوير والبرامج المجتمعية في الجامعة الإسلامية بمنيسوتا - المركز الرئيسي محاضرة علمية بعنوان (نظرية الإعلامي الأبيض) قدمها الدكتور أحمد طقش، (كاتب وإعلامي ومحرر ومسؤول العلاقات العامة في صحيفة نبض الإمارات، ومدرب دولي ومقدم ومعد لعشرات البرامج في قنوات فضائية عديدة، ومؤلف صدر له ١٠ كتب)
أطلق المدرب الدولي أحمد طقش نظرية ( الإعلامي الأبيض ) خلال دورة تدريبية في باريس ، شرح فيها مفهومه الخاص في التأدية الإعلامية ، الإعلامي الصادق في نقل المعلومة ، الإعلامي الأمين على مدارك المشاهدين ، الإعلامي المترفع عن الدنايا ، الإعلامي الشريف غير المعروض للبيع ، الإعلامي الطامح للشهرة الخضراء بخدمة الآخرين ، لاالإعلامي الطامع بالشهرة الحمراء التي تدهس كل المبادئ و القيم النبيلة . وذكر مدرب الإعلاميين أحمد طقش أن ( الإعلامي الأبيض ) ليست ( نظرية ) بل ( تطبيقية ) قابلة للتطبيق نحو عالم من النصاعة الفكرية والسلوكية .
يرى الدكتور أحمد طقش أن الشهرة الحمراء مضيئة لبعض الوقت لبعض العامة ، أما الأصالة تلميذة النبالة فهي الجذور وهي العطور - والتعبير لأحمد طقش - هذا الخطاب الأريحي الرقيق صارا لزاما أن ينتقل إلى الإعلام وإلى التعليم ، بصفتهما رافدان أساسيان لماضي وحاضر ومستقبل الإنسان .
ويؤكد "طقش" أن سعي الفرد إلى أن يعرفه عدد كبير من الناس ( الشهرة ) دون التقيد بأي قيم ( الحمراء ) هو مهلكة المهالك، و يتساءل : لماذا كل هذا؟! ألا يوجد طريق أخضر مضمون الوصول إلى القلوب والعقول؟ . وبأسلوبه المثير يتعجب "طقش" من أن ربط الرسالة الإعلامية بأهداف سامية ، صار أضحوكة لكل متسلقي مهنة الإعلام ، و لكل شريري مواقع التواصل الاجتماعي!
ويشدد "طقش" على وجوب اتباع سياسة درء الرديء ، مستدلا بالنتيجة النهائية لذلك بالآية الكريمة ( فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) الرعد 17 ، مؤملا أن يطيح الملزق بسرعة : ( ما يصح إلا الصحيح و الملزق يطيح ) والتعبير للدكتور طقش الذي يرى أن الخاسر الأكبر في كل هذا الرهان العسير هو العمر ، وأخص بالذكر مرحلة الطفولة الهشة بتقلبات عدم الاتزان الفكري واضمحلال الثبات الانفعالي .
ويحذر الدكتور من أننا إذا استمررنا بعدم متابعة البرامج الإعلامية الهادفة ستنقرض ، وإذا استمررنا بعشق البرامج الإعلامية عديمة اللون والطعم والرائحة فستنتشر وتزيد . ويرى أن هذا من نافل القول البدهي ، ويتساءل ما الحل إذن؟ .
ويختزل الدكتور ما يجب القيام به في عبارات مكثفة مثل ( لا تجعلوا الأغبياء مشاهير، وإلا فسيجعلكم المشاهير أغبياء )، ويطرح السؤال للمرة الثانية، مردفا بأسئلة فرعية : ولماذا كل هذا ؟ ألا يوجد مادة خام فكرية قوية لدى العرب ؟هل أصبح البطن أهم من العقل ؟
ويخلص الدكتور إلى أن الأهم هو الكلام عن الحل، لا عن المشكلة؛ هروبا من التلفظ بعبارات سلبية . ويقرر أن الحل هو أن نرد إلى رشدنا ردا جميلا ، قبل أن يغرقنا طوفان ثقافة السخافة . ويثمن ما سماها كنوز العرب العقلية التي هي كنوز حقيقية ، عمرّت حضارات مذهلة ، أنجزت وعيا معرفيا شديد التميز والفرادة ، وهي التي يجب أن تكون - يقول الدكتور - منبع و مصب منشورات الإعلام القديم والجديد على السواء .
ويوجه الدكتور لكتاب و قرّاء مواقع التواصل الاجتماعي ، همسة حب مفادها : نريد وجوهنا ، نريد نفع الأجيال ، نريد التوقف عن إعلاء الجسد ، لصالح إعلاء الروح . ويؤكد أن الإعلامي الأبيض ليس مجرد كاتب محتوى في حسابه ، الإعلامي الأبيض - يقول الدكتور - مرسل من نفسه الشريفة إلى نفوس المتابعين اللطيفة، الإعلامي الأبيض تغريه المصلحة العامة ، لا الشهرة الزائفة، الإعلامي الأبيض لايستحي من التغريد عن الأخلاق ، بل يستحي من عدم التغريد عن الأخلاق .
ويصحح الدكتور النظرية التي تقول ( مواقع التواصل ليست منبرا لنشر الفضائل ) مؤكدا أن هذه النظرية قد أودت بمعظمنا إلى الهاوية، ومن ثم يرى أنه آن أوان أن نكون حقيقيين ، بعد أن صمتنا عن متابعة أبنائنا لمواقع عديمة الجدوى ، جعلتهم نسخا كربونية عن ذلك الإعلامي الذي يقفز في الهواء ، و تلك الإعلامية التي تبحث ساعة كاملة عن فردة حذائها ! .
وينفي الدكتور أن يكون هذا هو الإعلام أو أن تكون هذه هي مواقع التواصل الاجتماعي، ويشدد على أن المحتوى الثر الغزير المفيد هو النبراس الذي يهدي المتابعين إلى جادة اليقين ، ويشير إلى أن هذا المحتوى لا يحظى حاليا باهتمام يستحقه ، وبسبب ذلك يرى الدكتور أن نسب الطلاق و الاكتئاب والانتحار ستستمر بالازدياد، ويرى أن خير طريقة للتقليل من أخطار الألعاب الإلكترونية على صحة أبنائنا هي حثهم على متابعة الإعلام البنّاء، وأن خير طريقة لقصقصة أجنحة الإدمان هي إنفاق الوقت بالإعلام المجدي، وأن خير طريقة للإصلاح الزوجي ثم الإصلاح الأسري هي فتح العيون على الإعلام الأبيض ، و إغماضها على الإعلام المزيف للأفكار والمشاعر .
يُذكر أن فندق أتلانتس بدبي كان قد شهد إطلاق النسخة الثالثة من ملتقى ( الإعلامي الأبيض ) يوم 7 / 4 / 2023 وهو الملتقى الذي أطلقه مدرب الإعلاميين أحمد طقش في باريس أولا ، ثم في برج خليفة ثانيا ، وتتمحور فكرة الإعلامي الأبيض حسبما وضعها الإعلامي أحمد طقش حول تنظيف الإعلام العربي مما علق به ، وكذلك تنظيف مواقع التواصل الاجتماعي من كل الأقوال والفيديوهات والصور السلبية، ويلخص أحمد طقش هذه النظرية بعبارات من صياغته : ( لا تبع دينك من أجل متابعينك ) ( الإعلام ليس أن يكون عندك انستغرام ) ( العربي عنده مروءة تمنعه من تتبع عورات الآخرين ) ( حملات تعطير لا حملات تشهير ) ( الشهرة الخضراء بخدمة المتابعين لا الشهرة الحمراء التي تدهس المبادئ و القيم النبيلة ) ( كل حساب بما فيه ينضح ) ( ألست من عائلة راقية ؟ أظهر رقيك فيما تنشره بين الناس ) ( عباد الرحمن لا عبيد اللايكات ) .
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الملتقى شهد إقبالا من الإعلاميين المتخصصين و من هواة الإعلام و من العامة ، و قد قدم بعض الأكاديميين مداخلات مختصرة مفيدة ضمن أعمال الملتقى ، منهم : الدكتورة منة شعبان ، والأستاذة ذكريات مصطفى ، و الأستاذة ليالي حمادة ، ثم اختتم الإعلامي أحمد طقش فعاليات الملتقى ببيتين من الشعر واعدا بمزيد من الملتقيات الناهضة بالتأدية الإعلامية :
و ما من كاتب إلا سيفنى / و يبقى الدهر ما خطت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء / يسرك في القيامة أن تراه .